الثلاثاء، 12 مايو 2020

((مرثية ابن ضيغم))


((مرثية ابن ضيغم))


ورد في كتاب ( البهاء في تاريخ حضرموت)  عند حديثه عن حوادث سنة 601 هـ : (في تلك السنة قُتل منيف بن ضيغم وابنه وابن عمه محمد بن راشد بن منيف) وهو يتحدث عن حدث قبل عصره بأكثر من قرنين , وهو يعتبر المصدر الوحيد الذي  ذكر الحادثة وزمنها علما بأن ديوان عبدالله بن حمزة نص على الحادثة ولعل النص المحقق (مطالع الأنوار ومشارق الشموس والأقمار) بتحقيق إبراهيم يحيى عبدالله الدرسي اعتمد على نشر الديوان أكثر من الشرح والتحقيق إضافة الى عدم اطلاع المحقق على مخطوطات أخرى قد يكون فيها تفصيل أكثر, ولا شك أن صاحب البهاء ينقل من مصادر سابقة له , ويختصر في ايراد الأحداث , والحقيقة أن سيرة عبدالله بن حمزة , التي فصلت في أحداث هذه السنة (601 هـ) لم تشر الى هذه الحادثة , ولعل السبب في ذلك عدم ارتباط هذا الحدث بسيرة عبدالله بن حمزة مباشرة , وهذا يعني أن صاحب البهاء لم ينقل من السيرة التي كتبها ابن دعثم , وهذا قد يعني أن هناك من دون الأحداث غير ابن دعثم سواء السيرة التي كتبها ابن نشوان أو مدونات سلاطين بني حاتم , وكذلك لم يشر محقق الديوان الى ما ورد في مناسبة قصيدة رثاء ابن ضيغم , فقد اطلعت على القصيدة في مخطوط ديوان عبدالله بن حمزة , ولم اطلع على شرح أو تحقيق مطبوع يفصل أو يشرح قصائد الديوان غير تحقيق الدرسي الذي ذكر القصيدة بدون مناسبة أو تعليق  ,  والحقيقة أن القصيدة قد أوضحت شيئاً من فصول ذلك الحدث الذي أورده صاحب البهاء , وقد حاولت البحث في نسخ مخطوطات الديوان فاطلعت على ثلاث نسخ من مخطوطات الديوان وكانت القصيدة بنفس السياق وعدد الأبيات , واختلفت في طريقة التعريف بمناسبة القصيدة  فورد في المخطوطة الأقدم (وقال الامام عليه السلام يرثي جماعة من جنب) ثم نص القصيدة وهذه المخطوطة اطلع عليها محقق الديوان لكنه اكتفى بالقول قال عليه السلام , ولم يذكر مناسبة الرثاء لجماعة من جنب , وفي المخطوطة الأحدث  ورد هكذا (وقال عليه السلام) ثم القصيدة بدون تفصيل حول الحدث وهذه ربما اعتمد عليها المحقق في كتابة القصائد في النص المحقق , أما المخطوطة الثالثة وهي أقدم من المخطوطة السابقة قليلا ورد النص هكذا ((وقال عليه السلام مرثية في منيف بن ضيغم ومحمد بن راشد وجماعة قتلوا بالعواهل)) , وهذه النسخة لم يتيسر للمحقق الاطلاع عليها وقت التحقيق  .
ولعل ما ورد في المخطوطة الأخيرة بين موقع الحادثة بالعواهل بين الجوف ومأرب  , وذكر منيفا وابن عمه محمدا ولم يذكر ابن منيف كما ورد عند صاحب البهاء وهو ابنه عيسى الوحيد الذي ذكره ابن رسول, وهذا يعني أن هناك مصادر سابقة فصلت بشكل أو بآخر في تفاصيل هذا الحدث ,  أما نص القصيدة فقد اشتمل على الرثاء والمدح والحِكم , ويتضح أن مقتل ابن ضيغم ومن معه كان بسبب ثارات بين جنب (ال منيف) خاصة مع بعض القبائل المجاورة لهم ولعلها قبائل مأرب لأن العداوة كانت قائمة بين قبائل مأرب وجنب في زمن مقارب من الحادثة, وقد أشارت المصادر الى تدخل عبدالله بن حمزة بينهم قبل الحادثة, وقد أجاد الشاعر في مدح ال ضيغم وعبيدة من جنب بما هم أهله من المفاخر والفروسية والكرم وحفظ حق الجار , ووصف ابلهم السود وخيولهم الدهم , وهذا الحدث المؤلم في زمنهم قد أفاد التاريخ أن تقال وتحفظ هذه القصيدة التي وصفت ال ضيغم وال منيف وعبيدة جنب بأفضل خصال العرب ,ولعلنا نجد في قادم الأيام شرحا للديوان أو تفصيلا أكثر مما ورد في نص القصيدة.



نص القصيدة : 












الأربعاء، 12 فبراير 2020



فصاصة من شرح الدامغة
 شارك
اطلعت على قصاصة من مخطوط شرح الدامغة نشره أحد المهتمين على حسابه في تويتر ووجد أن امكانية اعادة النظر فيما ورد في النص المطبوع من مخطوط الإكليل وأن الرجوع الى أصل مخطوط الإكليل قد يصحح معلومة انتشرت لعشرات السنين بعد تحقيقها وهذا يفتح المجال لإعادة الاطلاع واعادة تحقيق المخطوطات خاصة مع زيادة قنوات التواصل ونشر المخطوطات الكترونيا مما ساعد على سرعة الحصول على المخطوطات وظهور نسخ لم تكن موجودة من قبل, وهنا أود التأكيد أن نسخة المخطوط قد يحدث فيها تصحيف , وإذا لم يوجد بها تصحيف فقد لا تخلو من خطأ المحقق فأي عمل بشري معرض للخطأ والنسيان , ولعلي أستشهد بكلمة وردت في أصل المخطوطات عند الهمداني, ثم اجتهد المحقق القاضي محمد الأكوع رحمه الله في التصحيح واجتهاده في نظر. 
ومن الإنصاف أن نشكر كل من كان لهم سبق التحقيق واظهار المخطوطات محققة للمهتمين والقراء ومن أولئك الأعلام الشيخ حمد الجاسر و الأكوع الحوالي رحمهما الله فقد خدما تحقيق عددا من مصادر التاريخ واجتهدا في ذلك , ويبقى أي عمل بشري يعتريه الخطأ والنقص في بحر من الاجتهاد , ولقد تتبعت أحد الآراء التي رفعت نسب قبيلة بني بشر من جنب ثم قحطان الى قبيلة خولان العريقة في فرع بني بشر من الربيعة من خولان, وكان المصدر تحقيق الإكليل للحوالي , حيث أنه حقق اسم قبيلة بشر من خولان (من الأديم من خولان) وإن كان الأكوع لم يضع علاقة بين بشر الأديم وبشر جنب إلا أنه أتاح المجال لاجتهاد من جعل نسب بني بشر الى خولان بناء على التشابه في الاسم والرسم بين بشر الأديم وبشر جنب فهو اجتهاد يلغي احتمالية التشابه بين الاسمين فالأكوع لم يذكر في تحقيقة أن بشر جنب هي بشر الأديم , ولكن اجتهاد الأكوع رحمه الله في تغيير اسم( نشر) من الأديم الى (بشر) أتاح المجال لاجتهاد خاطئ آخر لأن بشر في تحقيق الأكوع قد وردت في جميع مخطوطات صفة جزيرة العرب بهذا النص : (بنو نشر من الأديم من خولان) بالنون وليس الباء, وعلق محقق كتاب صفة جزيرة العرب القاضي محمد بن علي الأكوع الحوالي على هذا فقال: (بنو بشر: بكسر الباء الموحدة آخره راء وفي الأصول كلها بالنون أول الحروف وصححناه بعد البحث الدقيق والسؤال من أهل الوطن نفسه ووجود هذه القبيلة بهذا الاسم اليوم)([1]). فإذا عرفنا أن المحقق قد اعتمد على مخطوطة جيدة اعتبرها الأصل وعلى مطبوعتين رمز لهما بحرفي (ل) و(ب).([2]) وهذا يثبت أن الاسم (بنو نشر) قد ورد في جميع الأصول بالنون, ولكن المحقق اجتهد, واجتهاده فيه نظر لعدد من الأوجه سوف نذكرها. ثم نجد أنه ورد أيضا في مخطوطات صفة جزيرة العرب ما يثبت أنهم (بنو نشر) (بالنون) من الربيعة وليس بشر (بالباء) حيث يقول الهمداني: (وسحة من قرى خولان بين البشريين والنصفيين...)([3]), ثم علق محقق كتاب صفة جزيرة العرب محمد بن علي الأكوع الحوالي على هذا في الهامش فقال: (كان في الأصول النشريين)([4]).في حين نجد الحوالي نفسه علق في الهامش على قول الهمداني حين قال: (ووادي هذا وسعيا ويسكنها البشريّون)([5]) فقال: (سعيا ـ بفتح السين ـ في بلاد بني بشر من جنب معروفة)([6]), ولم يذكر أنها وردت بالنون في المخطوطات كما في بني نشر خولان, فهو يوافق الهمداني بعدم وجود أي علاقة بين بني نشر (بشر) خولان وبشر من جنب. وكذلك عندما قال الهمداني في الصفة : ( بلد جنب في سعيا وادي بني بشر)([7]), لم ترد في المخطوطة بالنون, وعلى هذا لم يعلق المحقق. قلت : إن سبب اجتهاد المحقق, على الرغم من اتفاق المخطوطات التي لديه, يعود إلى ما نُقل له بأن هناك قبيلة ما زالت تحمل اسم بشر موجودة باسمها في خولان صعدة اليمن, وعلى هذا قام بتغيير التصحيف -حسب رأيه([8])- من بني نشر (بالنون) إلى بني بشر (بالباء) بدلالة وجود اسم هذه القبيلة في صعدة([9]), ويقول صاحب موسوعة الألقاب اليمنية عن هذه القبيلة : ( آل بن بشر بيت من من قبيلة الجهوز إحدى قبائل خولان بن عامر بصعدة, لهم المشيخ([10]) على قبيلة الجهوز بمديرية ساقين. ومن هذا البيت الشيخ أحمد بن حمود بشر) ([11]). وهؤلاء يقال لهم (آل بن بشر) وليس (بنو بشر) , وينسب لهم بشر هكذا, وليس البشري, ومن الواضح أنهم أسرة مشهورة, وليست قبيلة, مع العلم أن الهمداني ذكر بشر بن صحار, وبشر بن سعد بن خولان كما أسلفنا في صعدة, ولم تكتب في مخطوطات صفة الجزيرة بالنون كما في بني نشر من الأديم في جميع المواضع التي وردت في مخطوطة صفة جزيرة العرب. فالمحقق وجد أسرة يقال لها بشر ولكنه لم يُثْبت أنها بشر من الربيعة أو الأديم. قلت: كان الأولى بالقاضي محمد الأكوع الحوالي رحمه الله, أن يتبع منهجية موحدة في إبداء رأيه حول تصحيف بعض الكلمات التي وردت في مخطوطات الصفة, لأن تعديل كلمة (نشر) التي وردت في جميع المخطوطات إلى كلمة (بشر), قد أوهم البعض, وترتب على ذلك الخلط والخطأ في رفع النسب لبعض القبائل, فالأولى أن يتركها كما وردت في الأصول ثم يعلق في الحاشية حول ما توصل إليه, فنجده فعل الأمر الصحيح في حديثه -على سبيل المثال- عن (بشران) , فقد وردت في جميع أصول مخطوطات الصفة بالباء, فتركها المحقق كما هي في أصل المخطوط حيث وردت بهذا الشكل: (وردمان وقرن وأذنة به بشران والجبل المشرفة على سيوق),ص152, ثم علق في الحاشية بما يراه فقال: (بشران: في الأصول كلها هنا وفيما يأتي من مخلاف رداع أي بالباء الموحدة والشين المعجمة وآخره نون, ولم نجد موضعا من الإعراب بعد البحث الدقيق لا في مخلاف رداع ولا سائلة أذنه , وانما هو يسران بالياء المثناة من تحت ثم السين المهملة وآخره نون أو نشران بالنون والشين المعجمة آخره نون, ولهذا صححناه بهما لدليلين أحدهما أن يسران بالياء المثناة من تحت والسين ورد ذكره في المسانيد الحميرية,كما جاء في الإكليل أيضا أنه أحد أولاد عنس بن مذحج. ولأننا عثرنا على موضع ذي حروث وقرى وأناسي باسم نشران بالنون في بلاد عنس ثم تيسان شمال شرقي مدينة ذمار ومحاد لبني فلاح ولم يبق عندنا شك كما صححناه.) ولو أنه فعل ذلك مع بني (نشر) لكان أفضل حتى يتحقق الهدف من نشر المخطوطة, ويقول أحد المحققين: (إن الهدف الأول الذي يرمي اليه من يتوخى نشر مخطوطة, ووضعها على متناول يد الباحثين , هو ابراز الكتاب المطبوع بصورة صحيحة, وفقاً لما وضعه المؤلف, دون زيادة أو نقصان. وليس عليه أن يدخل أي تبديل في نص الكتاب, أو يحاول أن يصلح ما قد يكون وقع فيه من أوهام, بل يكتفي بالإشارة الى ذلك في الهوامش, لأن العهدة على المؤلف). الفضل المزيد على بغية المستفيد في أخبار مدينة زبيد, عبدالرحمن بن الديبع, تحقيق يوسف شلحد,ص9, ويقول أحد المحققين: (إن المحافظة على نص المؤلف كما كتبه من أقدس الواجبات في التحقيق, وإذا ارتأى الناشر أن تلك الاضافات مما يفيد الباحث فمكانها في الهامش لا في صلب النص) تحقيق المخطوطات بين الواقع والنهج الأمثل,عبدالله عسيلان, ص58 . وإذا انتقلنا إلى مخطوطات الإكليل فسوف يتأكد لنا أنها (نشر) وليست (بشر) فجميع المخطوطات التي اعتمد عليها القاضي محمد الأكوع في تحقيق كتاب الإكليل وردت فيها بالنون, وفي مواضع مختلفة, فإذا عرفنا أن الأكوع في مقدمته اعتمد على ثلاث مخطوطات وهي النسخة الأولى التي سماها الأصل, والنسخة الثانية رمز لها بـ (م), والنسخة الثالثة رمز لها بـ (ق), ورجع إلى هذه النسخ في كثير من هوامشه, حيث يقول المحقق عن بني بشر (نشر) من الربيعة من خولان التي وردت في مواضع مختلفة من مخطوطات الإكليل: (وكان في الأصل, وكذا ما يأتي بعده: بالنون أول الأحرف)([12]). فقد وردت بالنون ولكن المحقق اجتهد فيقول: (بنو بشر: بالباء الموحدة وآخر الحروف راء. وكان في الأصل, وكذا ما يأتي بعده: بالنون أول الأحرف, والتصحيح, من معجم ما استعجم, حيث قال« ونزل صعدة الأديم من خولان وهم بنو بشر وبنو يعنق» وما نقله صاحب معجم ما استعجم هو بلا شك نقل عن المؤلف, ثم أفادني العلامة حمود بن عبدالله الوشلي: أن قبيلة بني بشر بالباء الموحدة محتفظة باسمها إلى هذه الغاية. وبنو بشر أيضا في جبل صبر, وبنو بشر من حراز)([13]). قلت: المحقق بنى اجتهاده على وجود قبيلة في صعدة يقال لها بشر, وقد بينا ذلك, ومن جهة أخرى اعتماده على ما نقله صاحب معجم ما استعجم الذي نقل من الهمداني, فإذا عرفنا أن بشر وردت مرة واحدة في معجم ما استعجم, بينما وردت في الإكليل في أربعة مواضع مختلفة بالنون وفي ثلاث مخطوطات مختلفة ولم ترد بالباء مطلقا, وكذلك وردت في موضعين بالنون في ثلاث مخطوطات من كتاب الصفة ولم ترد بالباء مطلقا, وعليه فقد تكررت 18 مرة في مصنفات الهمداني (بالنون), مقابل مرة (بالباء) عند صاحب معجم ما استعجم, وهذا ليس بدليل([14]), والذي يفترض أن يُصَحَح ما في معجم ما استعجم وفق ما ورد في مواضع مختلفة من الإكليل والصفة, وليس العكس! ([15]). ثم نجد سليمان بن يحيى الثقفي يقول في كتاب (سيرة الإمام احمد بن سليمان)([18]) عند حديثه عن بعض الأحداث سنة 535هـ: (ووصل وسحة من بلاد بني نسر, وأتى وبين الأديم وشعب حي حرب عظيمة)([19]). وكاتب سيرة احمد بن سليمان يكتب من قلب اليمن وليس من الأندلس, وقد وردت عنده بالنون أيضا ثم سين مهملة([20]), ثم نجد محمد بن أحمد الحجري في كتابه (خلاصة من تاريخ اليمن) الذي ألفه قبل أكثر من 70 سنة تقريبا وهو بخط يده فيقول: (قبائل خولان في بلاد صعدة معروفة ومن بطون خولان جماعة وبنو نشر وبنو منبه)([21]). وقال صاحب كتاب (اليمن الكبرى) الذي ألفه قبل (50 سنة): (نشر : حي من خولان)([22]).


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ä)) لم أصل إلى ضبط حرف النون في كلمة نشر هل هو بالكسر أم بالفتح. ([1]) ص225, الحاشية. -ترتب على ذلك اعتماد بعض المؤلفات نسب بني بشر الى خولان بناء على تحقيق الأكوع. ([2]) ص 33،32. ([3]) ص237. ([4]) ص237. ([5]) ص 230. ([6]) ص 230, الحاشية. ([7]) ص235. ([8]) هناك العديد من الكلمات المتشابهة في الرسم مما قد يوهم محقق المخطوطة, وبشر ونشر من تلك الكلمات, ويقول حول هذا صاحب كتاب تحقيق المخطوطات بين الواقع والنهج الأمثل: (بشر ونشر من الكلمات المتقاربة في الخط وتكون مظنة التصحيف) عبدالله عسيلان, ص287. قلت: من الملاحظ أن كلمة (نشر) في جميع المخطوطات لكتاب الاكليل, والصفة, لم تصحف بل كانت واضحة الكتابة , وكذلك كلمة (بشر) كانت واضحة غير مصحفة. ([9]) من الملاحظ أن المحقق (محمد بن علي الأكوع) لم يذهب إلى صعدة لسؤال أهلها عن نسبهم وأحوالهم , وانما اعتمد على شخص يقال له حمود الوشلي, في وجود قبيلة بهذا الاسم,(الإكليل,ص264) واتضح أنها بيت, أو أسرة من صعدة كما وضح ذلك المقحفي. ([10]) وردت هكذا. ([11]) المقحفي, مج1,ص 287. ([12]) ج1,ص264. ([13]) ص246. ([14]) يقول صاحب كتاب تحقيق المخطوطات بين الواقع والنهج الأمثل: (إذا بدا للمحقق خطأ لفظة, أو قراءة وعدم استقامة كلمة عند المقابلة, وتبين له أن النسخ التي بين يدية قد أجمعت على تلك القراءة فيقدم هذا الاجماع ويأخذ به الا اذا كان لديه دليل قاطع على ما بدا له خطأه, بحيث يمكن أن يرجح بما لديه من أدلة قوية ما يخالف ذلك الاجماع, وبعض المحققين لا يراعي ذلك فيغير ما أجمعت عليه النسخ بدون روية ودراية) ,عبدالله عسيلان, ص157. ([15]) البكري كان يكتب من الأندلس وجل ما كتبه عن بلاد اليمن كان نقلا من الإكليل أو الصفة, والأَولى أن تكون مخطوطات الإكليل والصفة هي مرجع التصحيح لمعجم ما استعجم, لأن الاكليل والصفة هما من مصادر البكري في معجمه, ويقول الأكوع حول اضطراب بعض أقوال صاحب معجم ما استعجم عند حديثه عن مدينة رداع فذكر كلامه ثم قال : (فأنت ترى اضطراب كلام ياقوت والبكري وكلاهما ينقلان عن الهمداني) (صفة جزيرة العرب,ص101, الحاشية). ولو أن مخطوطة معجم ما استعجم التي تم تحقيقها كانت أصلا بخط البكري نفسه, لكان هذا التصحيح الذي تبناه الأكوع في محله, ولكن جميع مخطوطات معجم ما استعجم نسخت بعد وفاة البكر ي بزمن طويل, ولكي تتضح الصورة فإن محقق كتاب معجم ما استعجم قد اعتمد عل ثلاث نسخ كان أقدمها مخطوطة تم نسخها عام 596هـ أي بعد وفاة البكري بـ ( 110 )سنة وهي نسخة غير كاملة رمز لها بالحرف (ز), والنسخة الثانية كان نسخها عام 610هـ رمز لها بالحرف (س) وجعلها هي الأم الأولى في التحقيق, أما النسخة الثالثة فرمز لها بالحرف (ق) وكان نسخ بعض أجزائها بتاريخ 662هـ وأجزاء منها كتبت في عهد الأتراك العثمانيين. (معجم ما استعجم. مقدمة المحقق مصطفى السقا). والسؤال هنا : لماذا أخذ الأكوع بما جاء في نسخة معجم ما استعجم المنسوخة, وترك نسخ الإكليل وصفة جزيرة العرب على الرغم من أنها جميعا ليست من الأصول وإنما نسخت بعد وفاة المؤلفين؟!. ([18]) ص74. ([19]) ص74. ([20]) ذكر عبدالغني محمود محقق السيرة في حاشية الكتاب أن بني نسر من قبائل الأهنوم, وقد أخطأ في ذلك نظرا لوجود قبيلة باسم بنو نسر من الأهنوم من همدان, والحق أنهم بنو نشر من خولان كما وردت عند الهمداني في مخطوطات الإكليل والصفة. ([21]) خلاصة من تاريخ اليمن قديما وحديثا وخلاصة لأنساب القبائل القحطانية,ص61. ([22]) حسين بن علي الويسي,ج1,ص206. ([23]) ص34. ([24]) التعريف بالأنساب والتنويه لذوي الأحساب,الأشعري,ص176.

الخميس، 2 أغسطس 2018

مع أحمد بن علي مطوان في سراة عبيدة

صفحة جديدة 1

مواطن الكهوف التي تعكس عيش الإنسان في العالم قليلة وقليلها مشهور، وفي المملكة العربية السعودية نكاد لا نعرف عنها شيئاً, وقبل عامين تقريباً شاركت في فريق قام بتكليف من الهيئة العامة للسياحة والآثار بمسح وادي حنيفة لمسافة 160كم بدءاً من ثنية فهرين (حافة العالم) المشكلة لبداية مسائل وادي المخرة الذي يُمثل الجزء الأعلى لوادي حنيفة، مروراً برحبة الحيسية مكان التقاء وادي المخرة بوادي بوضة، وتكون الجزء الذي يُعرف باسم وادي حنيفة عند الطرف الغربي لبلدة العيينة، ومنها يستمر ليمر بالجبيلة ثم الوصيل ثم يلتقي بشعيب العمارية ثم إلى الدرعية، وبعد تجاوزها يتجاوز بلدة عرقة على يساره وبعدها يمر بعدد من الأماكن الاستيطانية وإلى المنصورية ثم الحائر ومنها ينحرف إلى الشرق ثم إلى الجنوب الشرقي ثم إلى الشرق مرة أخرى حتى ينتهي بروضة السهباء في الجزء الشمالي الشرقي لحوض محافظة الخرج. وتوجد على امتداد هذا الوادي في بعض المواقع كهوف إلا أن الكهوف التي استوقفتنا توجد عند التقاء الوادي بأحد روافده القصيرة القادم من الغرب قبل وصول الوادي إلى بلدة الحائر. تتكون المجموعة التي وقفنا عليها من عدد من الكهوف يزيد على الستة، وتظهر معدلة ببناء بشري يتمثل بتضييق فتحات الكهوف بحيث تتوفر بوابات فيها، ويوجد أمام كل كهف منشأة وأحياناً منشآت صغير. ووجد داخل الكهوف آثار للنار ربما أن استخدامها كان للطبخ أو للطبخ والتدفئة معاً. ونظراً لسرعة العمل حول موقع الكهوف آنذاك لظروف واجهتنا لم نتمكن من رصد كل ما يمكن رصده في ذلك الوادي الرافد أو جمع مواد آثارية منقولة كالأدوات الحجرية والكسر الفخارية. وقبل عدة أيام زارني في المكتب الأستاذ أحمد بن علي مطوان وأتحفني بكتاب اشتمل على عدد من الكهوف تنتشر في وادٍ يقع في محافظة سراة عبيدة في منطقة عسير وأصبح اليوم في مجال محطة صرف صحي. ويتضح من الصور التي في الكتاب وجود عدد من الكهوف التي أجرى الإنسان عليها تعديلاً كتلك التعديلات التي نُفذت على كهوف وادي حنيفة. واستطاع الأستاذ أحمد بن علي مطوان أن يجمع مادة أثرية من حول تلك الكهوف دلّت على أنها كانت مقراً للإنسان خلال مئات الآلاف من السنين, فتضمن الكتاب مشغولات حجرية كالفؤوس والسواطير والسكاكين التي شخّصها على أنها أشولية الطابع والتقنية. كما اشتمل الكتاب أيضاً على عددٍ كبيرٍ من الأدوات الحجرية العائدة للعصر الحجري الوسيط، وهي ما تسمى بالأدوات القزمية، أي أنها صغيرة الحجم. أما تاريخها فمن الفترة الممتدة من الألف السادس عشر إلى الألف العاشر قبل الميلاد. وجاء من الموقع أيضاً مجموعة كبيرة من الأدوات الحجرية المتطورة كرؤوس السهام والحراب والرماح والمشارط والكاشطات، إضافة إلى مجموعة من الأدوات ذات الصلة بالحبوب كالمهارس والساحقات والمدقات والمجارش ومعها كمية من كسر الأواني الفخارية البدائية ذات العجينة الحمراء المسودة والبطانة الحمراء الفاتحة أو الصفراء المائلة للرمادي، إضافة إلى كسر من أواني الحجر الصابوني رمادي اللون، علاوة على مجموعة من الأصداف والمواد الأخيرة تشخص استيطان الموقع خلال العصر الحجري الحديث. كما تضمّن الكتاب مجموعة من الرسوم الصخرية للجمال والوعول وأشكال هندسية ومجموعة من الخناجر المستقيمة بانحناء طفيف، تصاحبها أحياناً نجوم، وهذا العنصر نادر الوجود في الرسوم الصخرية في المملكة العربية السعودية. لقد وجدت رسوم لخناجر وسيوف ولكنها لا تماثل الرسوم التي عُثر عليها في الموقع مجال حديثنا, إذ إن ما عُثر عليه في الموقع مجسد بشكل جميل وواضح، وزخرفة المقبض واضحة. ووفق الحديث الذي دار بيني وبين الاستاذ أحمد بن علي مطوان، فإن الموقع يقع في محيط الصرف الصحي، ويتعرض في الوقت الحالي إلى التدمير البشري، ولم يتخذ إجراء حتى الآن لحمايته؛ وعليه أتمنى أن تسارع الجهات المسؤولة بدراسة الموقع أولاً دراسة كاملة مستوفية الشروط العلمية. فهذا الموقع هو الموقع الوحيد المكتشف في المملكة العربية السعودية، على حدِّ علمي، الذي يجمع هذه المكونات الأثرية في مكان واحد، وهو الموقع الوحيد الذي يُشكل مستوطنة من الكهوف منها التقطت مادة أثرية متنوعة, وهو الموقع الوحيد الذي وجد فيه ويوجد مواد أثرية تمتد إلى أكثر من ثلاثمائة ألف سنة، أي من الفترة الآشولية حتى نهاية العصر الحجري الحديث، وتوجد في الموقع شواهد لوجود الإنسان حوله وفيه خلال العصور التاريخية مثل الرسوم الصخرية المتأخرة والحروف المسندية.



- أ.د. عبدالعزيز بن سعود بن جارالله الغزي

 

شارك
شارك